الإعلام.. أمانة عظيمة

  • 2023-Jul-24

تشهد المجتمعات المسلمة العديد من التحديات والفرص في آن واحد، والتحدي الأكبر يكون في إيجاد الأسلوب والطريقة الأمثلة لتحقيق الفائدة القصوى من تلك الفرص وفي الوقت ذاته الحد من أي سلبيات ربما تنتج من التعاطي مع القضايا المطروحة في تلك المجتمعات، ولعل القضية الأبرز في وقتنا الحاضر هي قضية الإعلام بشكل عام وتحديدا الإعلام الجديد، وهنا أقصد بشكل أخص وأكثر دقة إعلام منصات التواصل الاجتماعي من خلال شبكات الانترنت أو الهواتف النقالة.

فعلاوة على تحديات اللغة واختلاف الثقافات ومراعاة المكونات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لكل من المرسل والمتلقي في مجال الإعلام، وتفاوت القدرات التقنية بين مجتمع وآخر، يبرز لنا على الساحة موضوع مضمون تلك الرسائل والمواد الإعلامية وطبيعة الخطاب الصادر من المنصات الإعلامية، وفي المقابل - وهو الأهم في وجهة نظري  طبيعة ومدى وعي وإدراك وتفهم المستقبل للرسائل والمحتوى الذي يتم بثه ونشره، ومن هذا المنطلق الذي يراه غير المختص في الشأن الإعلامي، مسألة بالغة التعقيد في التعامل معها أو حتى إدراك تلك المعايير في صياغة المحتوى الإعلامي وتفهم ردود الفعل أو قياس ما يسمى إعلاميا بـ"التغذية الراجعة"، وهي التي يمكن للمرسل أن يقيس نتائج ما بثه من رسائل وقوة تأثيرها على المتلقي سلبا وإيجابا.

الهدف من المقدمة السابقة هو محاولة تشخيص الحال الإعلامي للمؤسسات والمنظمات ذات العلاقة بالمجتمعات المسلمة، وفي الوقت ذاته محاولة إدراك أهمية الخطاب الإعلامي الصادر من تلك المؤسسات ومدى قوة تأثيره على المجتمعات المسلمة من جانب وعلى بقية مكونات المجتمع من غير المسلمين من جانب آخر، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار أن المتلقي بالكاد يستطيع أن يحدد طبيعة الجهة التي ترسل المادة أو تبثها ومن أي نطاق جغرافي وما هو توجهها الثقافي أو السياسي أو الاجتماعي، فبالتالي يتم تصنيف ذلك المحتوى بأنه محتوى صادر عن مسلمين وأنه يمثلهم أو يمثل ما تمليه عليهم تعاليمهم الدينية.

ومن هناك لابد للقائمين على صياغة ونشر المحتوى الإعلام إدراك أهمية الدور الذي يقومون به ليس فقط في التعريف بأنشطة مؤسساتهم وفعالياتها، بل إن أثر عملهم يمتد إلى صياغة القالب النمطي الذي من خلاله يتم تشكيل الصورة الراسخة عن الإسلام والمسلمين في العالم، وبالتالي فإنه بات لزاما أن يؤخذ في الاعتبار العديد من العناصر الأساسية في صياغة المحتوى الإعلامي، خاصة وأنهم يحملون على عاتقهم أمانة عظيمة ربما من أبسطها أن ما سيتم بثه ونشره على المنصات الإعلامية سيتم من خلاله الحكم على سلوك ومنهج ملايين المسلمين في العالم، فلك أن تتصور الجانب الإيجابي لتشكيل صورة عن الإسلام والمسلمين الناتجة عن انتشار مقطع فيديو لمجموعة من الأشخاص يقدمون العون لمسن أو صورة لمسلم يخدم في جهة تعنى بتقديم الخدمة الصحية أو الإنسانية لبقية مكونات المجتمع بغض النظر عن انتمائهم الديني أو العرقي، ولك أيضا أن تتخيل مدى التأثير السلبي لانتشار فيديو يحتوي على مقطع لخطيب يدعو إلى قتال غير المسلم أو تحريم التعامل مع غير المسلم من على منبر مسجد يقع في دولة أوروبية، وكيف لمثل ذلك أن ينعكس بصورة سلبية جدا على شريحة واسعة من المسلمين ليس فقط في البلد الذي يعيش فيه ذلك الخطيب بل سيمتد أثره للأسف على بقية المسلمين في العالم، وإن كان البعض هنا سيقول لا يمكن أن يتحمل المسلمون وزر ما يقوم به شخص ففي ذلك ظلم كبير، نعم، ولكن هل فعلا أن المتلقين من غير المسلمين جميعهم على قدر واحد من الوعي والثقافة الإدراك للتفريق بين خطيب متشدد ومتطرف وآخر معتدل وسطي، للأسف أن الحكم سيكون في ظاهره وعمومه على بقية المسلمين، كما أن مثل هذه التصرفات تقدم خدمة لكل من يسعى لتشويه صورة الإسلام والمسلمين وترسيخ مفهوم "الإسلاموفوبيا" والذي للأسف تستغله جماعات التطرف والإرهاب من كل جانب لنشر خطابات الكراهية والعنصرية بين الجميع، وسيكون المتضرر بلا شك من ذلك كله هو المسلم الذي يسعى لأن يعيش في أمن وسلام ويسهم في تنمية مجتمعه ووطنه وتأمين العيش الكريم له ولأسرته.

اشترك

اشترك في القائمة البريدية لتبقى علي تواصل دائم معنا